الْوَاقِعُ التَّعْلِيْمِيُّ الْقَاتِمُ يَقُوْلُ إِنَّ الْغَالِبِيَّةَ الْعُظْمَى مِنْ أَبْنَائِنَا الطُّلَّابِ يَكْرَهُوْنَ النَّحْوَ، وَيَنْفِرُوْنَ مِنْ تَعَلُّمِهِ، وَيَعْتَبِرُوْنَهُ أَكْثَرَ فُرُوْعِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ تَعْقِيْدًا.
وَانْعَكَسَ هَذَا – لِلْأَسَفِ – عَلَى كَرَاهِيَّتِهِمْ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ (لُغَةِ الْقُرْآَنِ ) بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَفَشَلِهِمْ فِي تَحْقِيْقِ مُعَدَّلَاتِ نَجَاحٍ عَالِيَةِ فِيْهَا.
وَفِي الْوَقْتِ الَّذِي نَرَى فِيْهِ أَبْنَاءَنَا يُقْبِلُوْنَ عَلَى تَعَلُّمِ اللُّغَاتِ الْأَجْنَبِيَّةِ – رَغْمَ صُعُوْبَتِهَا – وَالْمَوَادّ الْعِلْمِيَّةِ – رَغْمَ تَعْقِيْدِهَا – يُدْمِي قُلُوْبَنَا أَنْ نَرَاهُمْ كَارِهِيْنَ لِلُغَتِهِمْ الْأُمِّ .. مُنْصَرِفِيْنَ عَنْهَا.
هَذِهِ الْمُبَادَرَةُ الذَّاتِيَّةُ هَدَفُهَا تَغْيِيْرُ هَذَا الْوَاقِعِ الْمَرِيْرِ، وَهِيَ خُطْوَةٌ سَيَتْبَعُهَا خطَوَاتٌ. وَهِيَ جهْدُ الْمُقِلِّ، مِنْ شَخْصٍ نَذَرَ نَفْسَهُ وَحَيَاتَهُ – مُنْذُ ثَلَاثِيْنَ عَامًا بِلَا انْقِطَاعٍ – لِرِسَالَةِ تَيْسِيْرِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ عُمُوْمًا (وَالنَّحْو خُصُوْصًا ) عَلَى الْمُتَعَلِّمِيْنَ.
رَغْمَ أَنَّنِي نِصْفُ مَيِّتٍ حَرْفِيًّا؛ لِإِصَابَتِي – مُنْذُ 13عَامًا وَحَتَّى الْيَوْمِ – بِقُرْحَةٍ خَبِيْثَةٍ مَلْعُوْنَةٍ فِي السَّاقِ (مِنَ النَّوعِ الَّذِي لَا يَتْرُكُكَ فَتَسْتَرِيْح .. وَلَا يَقْتُلُكَ فَتَسْتَرِيْح!! ).
13 عَامًا قَضَيْتُهَا كَامِلَةً – كَالرَّاهِبِ – فِي صَوْمَعَتِي الْمَنْزِلِيَّةِ وَمَنْفَايَ الْخَاصّ (وَأَنَا الْمَيِّتُ الْحَيُّ! ) لَا أَعْمَلُ خِلَالَهَا أَيَّ شَيْءٍ إِلَّا خِدْمَةَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَدَارِسِيْهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ.
عِلْمًا بِأَنَّنِي أَعُوْلُ 4 أَبْنَاء، وَلَا أَمْلكُ مِنَ الدُّنْيا مَصْدَرًا لِلدَّخْلِ – بَعْدَ إِحَالَتِي قَسْرًا إِلَى التَّقَاعُدِ بِالْعَجْزِ الطِّبِّيِّ مُنْذُ خَمْسِ سَنَوَاتٍ – إِلَّا مَعَاشِيَ (الَّذِي يُعَادِلُ مَا يُوَازِي 70 دولارًا! ).
وَلِأَنَّنِي نَبَذْتُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَرَاءَ ظَهْرِي .. وَيَمَّمْتُ وَجْهِي صَوْبَ الْآَخِرَةِ ..
فَقَدْ تَخَيَّرْتُ لِنَفْسِي أَنْ أَعِيْشَ مِنْ أَجْلِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ .. وَأَنْ أَمُوْتَ عَلَى ذَلِكَ.
أ/ يُسْرِي سَلَّال